نظّمت المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، بالتعاون والشراكة مع وزارة تكنولوجيات الاتصال بالجمهورية التونسية، قمّة “الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل” (AI-Forward Summit 2025) خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 3 ديسمبر 2025 بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة.
وقد شكّلت هذه القمّة فضاءً رفيع المستوى جمع قيادات عربية ودولية وصنّاع قرار وخبراء من أبرز المنظمات الدولية والإقليمية، وشهدت مشاركة واسعة لأكثر من 500 مشارك من أكثر من 30 دولة، كما تُوِّجت بإعلان تونس بمناسبة مرور عشرين سنة على انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات حول تقييم مسار نتائج القمة العالمية حول مجتمع المعلومات WISIS+20 ، إضافة إلى إصدار تقرير “مجتمع الذكاء: مسار وخارطة طريق” والمتضمن نتائج قمة الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل من مجتمع المعلومات الى مجتمع الذكاء.
وقد افتتح فعاليات القمة سعادة المدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، بمشاركة معالي وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، ومعالي وزير تكنولوجيات الاتصال، ومعالي الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية.
كما تميّزت القمة بمداخلات نوعية لكلّ من معالي وزير البريد والاتصالات والاقتصاد الرقمي بجمهورية القمر المتحدة، ومعالي رئيس الهيئة العامة للاتصالات والمعلوماتية بدولة ليبيا، ومعالي وكيل وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي بدولة فلسطين، بالإضافة إلى مشاركات رفيعة المستوى من وفود حكومية وخبراء وممثلين عن شركات عالمية ومؤسسات أكاديمية رائدة.
تولّى إدارة الجلسة الافتتاحية رفيعة المستوى سعادة السيد Bocar BA، الرئيس التنفيذي لمجلس “سامينا” (SAMENA Council)، حيث قدّم الكلمة الافتتاحية ورحّب بضيوف القمّة وجميع المشاركين فيها.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكّد سعادة المهندس محمد بن عمر، المدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، أنّ تنظيم هذه القمّة يعكس التزامًا عربيًا قويًا بتوحيد الجهود وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي من أجل توجيه مسار الذكاء الاصطناعي نحو تنمية شاملة وآمنة وأخلاقية، مشدّدًا على أهمية الانتقال من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء، وعلى الدور المحوري للقمّة في بلورة رؤية عربية موحّدة استعدادًا للاستعراض العالمي WSIS+20، كما عبّر عن تقديره للجمهورية التونسية على استضافة الحدث ولجامعة الدول العربية على دعمها المتواصل، مؤكدًا أنّ الطموح المشترك هو بناء منظومة عربية قادرة على إنتاج المعرفة وترسيخ السيادة الرقمية وخدمة التنمية المستدامة عبر شراكات حقيقية ورؤية استراتيجية طويلة المدى، داعيًا الى ضرورة توحيد الرؤى، وتحفيز التعاون، وبناء أرضية مشتركة تعزّز حضور العالم العربي في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي.
وخلال كلمته الافتتاحية أكّد معالي السيد محمد علي النفطي وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج على أنّ احتضان تونس لهذا الحدث الدولي يعكس إرادة سياسية واضحة للمساهمة في صياغة حوكمة عالمية مسؤولة للذكاء الاصطناعي، ولتعزيز دور التكنولوجيا في دعم التنمية الشاملة، خاصة في الدول النامية.
وأشار معالي الوزير إلى أنّ تونس، وهي تستحضر إرث القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي استضافتها سنة 2005، تتطلع إلى مواصلة لعب دور فاعل في النقاشات الدولية المقبلة، خاصة في إطار “الحوار العالمي حول حوكمة الذكاء الاصطناعي” المنتظر عقده في جنيف خلال شهر جويلية 2026 لوضع إطار دولي جامع ينظم الذكاء الاصطناعي ويضمن استخدامه الآمن والمسؤول والمنصف ويحوّله إلى قوة داعمة للتنمية والإنسان.
وشدّد على أنّ التحولات التكنولوجية الراهنة تفرض تعزيز التعاون متعدد الأطراف لضمان عدم تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى مصدر جديد للفجوة الرقمية، بل إلى رافعة لتحقيق العدالة الرقمية والتنمية المستدامة.
وفي سياق تأكيده على القيم الإنسانية الجامعة، جدّد الوزير موقف تونس الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقّه في التنمية والوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة، معتبراً أنّ العدالة الرقمية جزء لا يتجزأ من الحقوق الأساسية وأن تمكين الشعب الفلسطيني من الولوج إلى التقنيات المتقدمة وبناء قدراته الرقمية هو جزء أصيل من حقه في تقرير مصيره واستعادة سيادته.
في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية رفيعة المستوى، أكدت معالي الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات السيدة دورين بوغدان مارتن على الدور التاريخي الذي لعبته تونس في مسار القمة العالمية لمجتمع المعلومات، محذِّرةً من اتساع فجوة الذكاء الاصطناعي عالميًا، حيث لا تمتلك سوى نسبة محدودة من الدول القدرات الحاسوبية اللازمة للاستفادة الكاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي. وشدّدت على أن إطار عمل “القمة العالمية لمجتمع المعلومات” لا يزال أساسيًا في توجيه الانتقال من مجتمع المعلومات إلى “مجتمع الذكاء”، مسلّطةً الضوء على ثلاثة مجالات ذات أولوية: الاستثمار الواسع في البنية التحتية الرقمية لضمان اتصال شامل وميسور، وتعزيز القدرات والثقة والسلامة وإعطاء الأولوية للمقاربات المرتكزة على الإنسان، وتكثيف التعاون الدولي والإقليمي، ولا سيما من خلال الحوار الأممي المرتقب حول حوكمة الذكاء الاصطناعي. واختتمت كلمتها بالدعوة إلى تجديد الالتزام متعدد الأطراف لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي شاملًا، متمحورًا حول التنمية، وقادرًا على تحقيق الفائدة لجميع المجتمعات حول العالم.
من جهته شدد معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمته على أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحولاً جذرياً يفتح آفاقاً واسعة للتنمية المستدامة في التعليم والصحة والاقتصاد، لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر تتعلق بسباق محموم بين القوى الكبرى، واتساع فجوة عدم المساواة، واحتمالات فقدان الوظائف وسوء توظيف هذه التقنيات في المجالات العسكرية. وأكد أن التكنولوجيا أداة محايدة يتوقف أثرها على الأطر الأخلاقية والقانونية التي يضعها البشر، مشيراً إلى أن الدول العربية تمتلك فرصة حقيقية لاقتناص دور فاعل في هذا المجال عبر الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وبناء القدرات، مبرزاً جهود جامعة الدول العربية من خلال الاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي، والمبادرة العربية للذكاء الاصطناعي، والميثاق العربي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، داعياً إلى شراكات عربية ودولية عميقة تضمن عدم تخلّف المنطقة عن ركب مجتمع الذكاء العالمي.
كما تضمنت القمة جلسات محورية تناولت الانتقال من “مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء”، حيث قدّم كبار القادة والخبراء الدوليين رؤى استراتيجية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي والتحوّل الرقمي. وتمّ خلال الجلسة الوزارية WSIS+20 استعراض مخرجات الاستعراض العالمي وتوجهاته الجديدة، واعتماد إعلان تونس حول الانتقال نحو مجتمع الذكاء. كما تناولت الجلسات النقاشية موضوعات حوكمة الذكاء الاصطناعي، قابلية التشغيل البيني، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استعراض نجاحات إقليمية في بناء منظومات الذكاء الاصطناعي، وتقديم نماذج ملهمة لابتكارات ناشئة في المنطقة. وركزت الكلمات الرئيسية على المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي، والميثاق العربي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وبناء منظومة عربية موحدة للذكاء، إلى جانب جلسات متخصصة حول الذكاء الاصطناعي المسؤول، الأمن السيبراني في عصر ما بعد الكم، الحوكمة الرقمية، ودور الابتكار والشراكات الإقليمية في تحقيق التنمية المستدامة.
وشملت الفعاليات القمّة الرئيسية يومي 2 و3 ديسمبر، والجلسة الوزارية رفيعة المستوى WSIS+20، وعددًا من ورش العمل حول التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي يوم 1 ديسمبر، ومعرضًا دوليًا للشركات والمؤسسات مع فضاء مخصص للشركات الناشئة، بالإضافة إلى جلسات حوارية تناولت سياسات الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
وتوجّه برنامج القمّة نحو إبراز الابتكار وريادة الشباب والمرأة، مع عرض مشاريع ناشئة متقدمة، وتكريم الفائزين في مسابقة Arab AI Hackathon، وصولاً الى اعلان تونس بمناسبة مرور عشرين سنة على انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات وإصدار تقرير “مجتمع الذكاء: مسار وخارطة طريق” والمتضمن نتائج قمة الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل من مجتمع المعلومات الى مجتمع الذكاء.
وقد أسفرت القمّة عن اعتماد وثيقتين مرجعيتين أساسيتين هما :
- “إعلان المخرجات الوزارية: نتائج القمة العالمية لمجتمع المعلومات WISIS+20 والتوجهات المستقبلية نحو “مجتمع الذكاء الاصطناعي” خلال فعاليات “قمة الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل 2025” لتجديد الالتزام الدولي بتسخير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية المستدامة وتعزيز العدالة الرقمية عالميًا.
- اصدار تقرير “مجتمع الذكاء العربي: مسار وخارطة والمتضمن نتائج قمة الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل من مجتمع المعلومات الى مجتمع الذكاء.
ويجدر الإشارة الى أن قمّة تنعقد بالشراكة مع عدد من أبرز المنظمات الدولية والإقليمية، من بينها الاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمة اليونسكو، والرابطة الدولية لشبكات الهاتف المحمول، والإسكوا، ومجلس أوروبا، وإدارة التنمية المستدامة بجامعة الدول العربية، وتحالف إفريقيا الذكية، والاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، والاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات، والمركز الوطني للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بدولة فلسطين، إضافة إلى عدد من المؤسسات الشريكة الأخرى على غرار شركة هواوي ومجموعة اتصالات تونس، PwC Tunisie، البنك الدولي ووكالة التعاون الألماني….






































